س : يا شيخ .. أريد أن أسأل عن شيء .. ولكن لا تسخر مني !!
ج : تفضل يا أخي الكريم .. وأرجو منك ألا تعيد هذه الكلمة مرة أخرى .. فالإنسان لا يولد أبدا عالما .. بل أنت في خير دوما طالما تسأل وتتعلم .. فلا تشعر بأي حرج في السؤال أبدا .. بل الحرج كل الحرج في أن تبقى جاهلا .. لا لشيءٍ سوى أنك تستحي أن تسأل !!
فاسأل ما بدا لك ..
س : فتح الله عليك وبارك لك في أخلاقك وفي علمك .. وأعدك أني – ومن الآن – لن أستحيي أبدا في أن أسأل في أي أمرٍ أجهله من أمور الدين .. والسؤال الذي دار بعقلي هذا الصباح هو :
ما معنى كلمة : سبحان ربي العظيم ، أو سبحان الله العظيم بالضبط ؟ فإني أقولها يوميا في ركوعي وفي أذكاري .. ولكن للحق .. فإني لا أعرف معناها على وجه التفصيل .. فما هو جزاك الله خيرا ؟
ج : والله يا أخي لقد سألت سؤالا هاما فعلا .. وإنه لشرفٌ لي أن أتكلم في هذا الموضوع .. ووالله لو علم المسلمون واستشعروا معنى الكلمة التي يرددونها صباح مساء .. ما كان هذا حالنا أبدا في يوم من الأيام إذا عملنا بمقتضاها ..
فأبدأ أولا وأقول :
1 – كلمة ( سُبحان ) هي كلمة للتقديس والتعظيم .. بل هي النهاية في التقديس والتعظيم .. ومن عجائب هذه الكلمة أنها لم ولن تقال أبدا إلا إلى الله تعالى !!
فمع ضلال الكثير من الأمم والشعوب والمذاهب من قبل .. ومع كل ما ومن عبدوه من دون الله تعالى .. فلم تقال أبدا في يوم من الأيام لا لشخص أو ملِك أو رسول .. ولم تقال لجني ولا لملاك .. ولم تقال لحيوان أو جماد .. ولم تقال للشمس ولا للقمر ولا لغيرهما من النجوم والكواكب !! فسبحان الله العظيم ..
2 – وهنا يأتي الدور في التعريف للتفريق سريعا بين كلمات : (رب – إله – الله) .. أما كلمة (رب) .. فتعني المُرَبي .. وهو الذي يعتني بتربية وإعانة وإعاشة من يعول .. فالله تعالى بربوبيته يتولى رعاية جميع مخلوقاته .. بما فيهم الكافر .. فلقد جعل له الله تعالى حقا في ربوبيتة أيضا !!.. ومنها جاءت كلمة (رب المنزل) أو (ربة المنزل) ..
أما كلمة (إله) .. فتعني المخصوص بالعبادة .. وللأسف فإن البشر يُشركون فيها دوما ما هو دون الله تعالى .. فهناك من اتخذ آلهة من البشر .. كزيوس أو فرعون .. أو من الرُسل .. كعُزير أو عيسى بن مريم عليهما السلام .. أو من الملائكة .. كجبريل عليه السلام .. أو من الحيوانات أو الجمادات أو الكواكب .. بل ومنهم من اتخذ إلهه هواه كما أخبر بذلك الله تعالى في غير ما آية من القرآن ..
وأخيرا كلمة (الله) .. وهي اسم الله نفسه .. أو كما يقولون هي اسم العَلم الدال على ذات الله تعالى .. وأيضا من عجائبها أنها لم ولن تُطلق إلا على الله وحده كما أخبر بذلك في قرآنه فقال : " ربُ السماواتِ والأرض وما بينهما .. فاعبده واصطبر لعبادته .. هل تعلم له سميا ( أي هل تعلم أحدا تسمى باسمه من قبل ؟) " مريم – 65 ..
وكما تقول مثلا عن إبراهيم أنه له صفات مثل الذكاء والكرم والشجاعة .. فإننا نصف الله تعالى أيضا بصفات وأسماء مثل الرحمن والرحيم والكريم والعليم والعظيم .. فيكون بذلك اسم الله تعالى شاملا لكل صفاته وأسمائه الأخرى ..
3 – والآن نأتي لمعنى كلمة (العظيم) .. وهي أصل موضوع السؤال .. فكلمة العظيم تعني : الكبير الشأن .. أو ذو المكانة الرفيعة العالية التي توجب لمن هو دونه : التبجيل والاحترام والمهابة والطاعة .. وهو ما نسميه مُجملا ب (التعظيم) ..